18 يونيو 2025 - 13:02
مصدر: الجزيرة
تعرف على معهد وايزمان "عقل الكيان الصهيوني النووي" الذي قصفته قوات الحرس الثوري

قصفت قوات الحرس الثوري الإيراني المعهد -الذي يتخذ من مدينة رحوفوت جنوب تل أبيب وسط فلسطن المحتلة مقرا له- بصاروخ باليستي يوم 14 يونيو/حزيران 2025، مما أسفر عن دمار واسع في مختبرات الأبحاث، واندلاع حرائق كبيرة، إضافة إلى أضرار جسيمة لحقت بالبنية التحتية للمعهد.

وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ معهد وايزمان للعلوم هو أحد أبرز المراكز البحثية والعلمية في إسرائيل، وثالث مؤسسة تعليمية أنشئت فيها، ويصنف ضمن المراكز العشرة الأولى في العالم، ويقدم خدمات بحثية متقدمة للجيش الإسرائيلي، ويطلق عليه لقب "العقل النووي لإسرائيل".

تأسس المعهد عام 1934 في فترة الانتداب البريطاني على فلسطين، ومنذ إعلان قيام دولة الاحتلال عام 1948 وهي توليه أهمية كبيرة ضمن منظومتها للبحث والتطوير، وله أبحاث علمية وبراءات اختراع في مجالات الفيزياء النووية وعلوم الحياة والتقنيات المتقدمة والنانو والطب الحيوي والتقنيات العسكرية.

قصفت قوات الحرس الثوري الإيراني المعهد -الذي يتخذ من مدينة رحوفوت جنوب تل أبيب وسط فلسطن المحتلة مقرا له- بصاروخ باليستي يوم 14 يونيو/حزيران 2025، مما أسفر عن دمار واسع في مختبرات الأبحاث، واندلاع حرائق كبيرة، إضافة إلى أضرار جسيمة لحقت بالبنية التحتية للمعهد.

التأسيس
أسسه عام 1934 العالم الكيميائي حاييم وايزمان، الذي شغل منصب رئيس منظمة الصهيونية العالمية وكان أول رئيس لدولة الاحتلال، تحت اسم معهد "دانيال سيف" للأبحاث، وذلك تخليدا لذكرى أبناء متبرع بريطاني أسهم في تأسيس المعهد ودعم هجرة اليهود إلى فلسطين.

وقتها كان المعهد ثالث مؤسسة للتعليم العالي يؤسسها اليهود في فلسطين بعد معهد التخنيون في حيفا والجامعة العبرية في القدس، وكان يركز على الأبحاث الخاصة بتطوير القطاع الزراعي لليهود في فلسطين، وتمكّن بالتعاون مع محطة "التجارب الزراعية" اليهودية من تهجين نباتات جديدة.

منذ اللحظات الأولى لتأسيس المعهد، وهو يشكل أحد أعمدة البحث العلمي في دولة الاحتلا الصهيونية، فقد دُعي للعمل فيه كبار علماء اليهود وغيرهم، خاصة الداعمين للحركة الصهيونية وهجرة اليهود إلى فلسطين.

عام 1944 أسس مجموعة من النشطاء اليهود في الولايات المتحدة الأميركية بقيادة مائير فايسجل اللجنة الأميركية لمعهد وايزمان بهدف جمع الأموال اللازمة لتوسيعه وتطويره.

وبعدها بعامين، وضع حاييم وايزمان الحجر الأساس للمبنى الجديد للمعهد، وبنى مبناه الرئيسي وملاحقه المختلفة.

في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني 1949، أعيدت تسمية المعهد وأطلق عليه اسم مؤسسه "معهد الدكتور حاييم وايزمان"، وفي عام 1959 أسس المعهد شركة "ييدا" للترويج لابتكاراته.

أبحاث وبراءات اختراع
يصدر معهد وايزمان العشرات من الأبحاث سنويا في مجالات الفيزياء النووية وعلوم الحياة والتقنيات المتقدمة والنانو والطب الحيوي والتقنيات العسكرية والكيمياء والأدوات الطبية الدقيقة والرياضيات، وله مئات براءات الاختراع، الأمر الذي جعل البعض يطلق عليه لقب "العقل النووي لإسرائيل".

كما يصدر المعهد دراسات دورية حول الأمراض السرطانية ومعالجتها، وبحوثا في علم الجينات، ويستضيف نحو 50 مؤتمرا علميا دوليا كل عام.

ويولي المعهد اهتماما كبيرا بتطوير طرق التعليم في المواضيع العلمية، بحيث يؤسس باحثوه طرقا وأساليب جديدة في التدريس لاسيما الجامعي، ويصدر الكتب التعليمية لوزارة التربية والتعليم الإسرائيلية في الرياضيات والطبيعة والفيزياء والكيمياء وغيرها من المواضيع العلمية.

ويدير القسم ثلاثة مراكز وطنية للمعلمين: المركز الإسرائيلي لمعلمي الكيمياء، والمركز الإسرائيلي للعلوم والتكنولوجيا في المدارس الإعدادية، والمركز الإسرائيلي لمعلمي الفيزياء.

وسجل المعهد منذ تأسيسه نحو ألفي براءة اختراع، وفيما يلي أبرز ابتكاراته وأبحاثه:

ابتكار جهاز حاسوب "إيزاك"، الذي يعدّ الأساس لصناعة الحاسوب في إسرائيل، عام 1945.
هو أول مؤسسة إسرائيلية تعد أبحاثا حول مرض السرطان، وأول مؤسسة تبني مسرعات الجسيمات.
بناء أول برج للطاقة الشمسية في إسرائيل عام 1989.
اختراع دواء "كوباكسون" لعلاج مرض التصلب اللويحي المتعدد عام 1997، وقد حصل على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية.
إنشاء حديقة "كريات وايزمان" للتكنولوجيا الفائقة.
في أبريل/نيسان 2004 طوّر المعهد أول حاسوب بيولوجي في العالم، واخترعه البروفيسور إيهود شابيرا.
عام 2006 أسس مبادرة أبحاث الاستدامة والطاقة لدعم الاكتشافات العلمية في مجال الطاقة البديلة.
تصنيع أنظمة تشفير وفك تشفير البث التلفزيوني.
ابتكار أنظمة الليزر الخاصة بقطع الماس بشكل دقيق وحساس.
أطلق المعهد أول حاسوب كمي في إسرائيل عام 2022.
ابتكار طريقة لزراعة العظام من متبرع غير متوافق في الثدي، وعلاج الأورام السرطانية الحميدة باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي.
تطوير أنواع مختلفة من المحاصيل الزراعية المحسنة مثل: القمح الغني بالبروتين، والبطيخ الذي ينضج مبكرا.

خدمات عسكرية
يقدم المعهد خدمات بحثية متقدمة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، خاصة في مجالات الذكاء الاصطناعي وأنظمة الرصد والمراقبة وتحليل البيانات الاستخباراتية الضخمة وتوجيه الطائرات من دون طيار.

كما يعمل المركز على تطوير أسلحة ذاتية التحكم أو شبه ذاتية، وتطوير أجهزة التوجيه والتعقب الدقيقة، وتطوير تقنيات تشويش وتقنيات الحماية الإلكترونية المتقدمة، وتقديم بحوث تتعلق بتقنيات نووية أو طاقة موجهة، فضلا عن دعم أنظمة الأقمار الاصطناعية العسكرية.

عشرات المختبرات
يضم المعهد أكثر من 30 مختبرا في شتى المجالات العلمية، ومكتبة علمية كبيرة تضم آلاف الكتب والمجلات والأبحاث والموسوعات العلمية، فضلا عن قاعات للمحاضرات وللمؤتمرات ومساكن للباحثين وفرق العاملين.

ويحتوي المعهد على خمس كليات، وهي: الأحياء والكيمياء الحيوية والفيزياء والرياضيات وعلوم الحاسوب، وتضم هذه الكليات 17 قسما علميا، أبرزها: قسم تدريس العلوم ووحدة الآثار العلمية.

متحف حاييم وايزمان أحد أبرز المؤسسات التي تتبع المعهد، ويضم الأعمال والمقتنيات والأدوات الخاصة بهذه المؤسسة، وخاصة أرشيفها الذي يحتوي على أكثر من 200 ألف وثيقة بما في ذلك مراسلاته مع ألبرت أينشتاين واللورد آرثر جيمس بلفور.

وتعد كلية فاينبرغ أهم المؤسسات العلمية التابعة للمعهد، وهي أول مؤسسة أكاديمية في إسرائيل تدرس علوم الحاسوب، وتركز على البحث العلمي المكثف، وتوفّر فرصا للعمل مع مجموعات بحثية رائدة في العلوم على المستوى الدولي.

ومذ تأسيسها عام 1958 حتى عام 2024، منحت الكلية أكثر من ثلاثة آلاف من طلبتها درجة الماجستير وأكثر من 5 آلاف درجة الدكتوراه ونحو 4500 درجة ما بعد الدكتوراه. وتبلغ نسبة الإسرائيليين منهم 81%، والأجانب 19%.

وأسفر القصف الإيراني عن دمار واسع في مختبرات الأبحاث واندلاع حرائق كبيرة، إضافة إلى أضرار جسيمة لحقت بالبنية التحتية للمعهد.

وقالت هآرتس الإسرائيلية إن إيران عندما استهدفت معهد وايزمان للعلوم -في رحوفوت- دمرت مختبرات لا بد من إعادة بنائها من الصفر، وأعاقت مسيرة البحث العلمي لسنوات طويلة.

وأوضحت الصحيفة -في مقال بقلم غدعون ليف- أن معهد وايزمان كان يصنف على أنه من أفضل معاهد البحث العلمي في العالم، وهو يضم مناطق سكنية تؤوي أعضاء هيئة التدريس وعائلاتهم وطلابهم حتى فجر الأحد، عندما تلقوا تنبيها بهجوم صاروخي إيراني وشيك.

ويقول عضو قسم بيولوجيا الخلية الجزيئية البروفيسور إلداد تزاهور الذي يعيش بالحرم الجامعي منذ 22 عاما "ركضنا إلى الملجأ وجلسنا هناك. سمع دوي انفجارين، وأدركت على الفور أن هذا شيء لم نشهده من قبل. اهتز كل شيء بقوة هائلة داخل الملجأ. كان الأمر جنونيا".

وبدأت صور الأضرار تنتشر في مجموعات واتساب قبل وصول رجال الإطفاء، ويقول تزاهور "فجأة ترى مبنى مختبرك يحترق وأنت لا تصدق. أدركت أنه لم يعد لدينا مختبر (..) شعرنا وكأننا في منطقة حرب. بالقرب من مختبري انهارت 3 طوابق. لم يكن هناك أي أثر للمختبر".

انتهى الأمر
ومع مرور الساعات، بدأ البروفيسور يدرك حجم الضرر الذي أحدثته إيران، وقال "لقد صدمتني الفكرة. لم يبق شيء. لقد كنت هنا لفترة طويلة جدا. الأمر ليس كمجهر تالف يمكنك شراء آخر مكانه. عند نشر مقال علمي، يتعين عليك تقديم صور للأنسجة ومعلومات خام، ومن المستحيل تقديم ذلك بعد الآن. لقد انتهى الأمر".

وأشار الكاتب إلى أن مجموعات بحثية أخرى كانت تعمل من نفس المبنى خسرت كل شيء، وستضطر إلى إعادة البناء من الصفر، يقول تزاهور "سيتعين عليهم إيجاد مساحات عمل، ربما خارج الحرم الجامعي. ليس من الواضح كم من الوقت سيستغرق ذلك".

كأن المختبر تبخر
ويقول سيغال إن قيمة المعدات في مختبره تبلغ ملايين الدولارات، بعضها مستورد من إنجلترا وألمانيا "لم نعرف بعد مدى الضرر الذي لحق بها وهل لا تزال صالحة للاستخدام. لن نتمكن من معرفة ما إذا كانت قابلة للإصلاح إلا عندما ننقلها إلى مختبر جديد".

وذكرت الصحيفة بأن سيغال يعمل على هذا المشروع منذ 20 عاما، مع فريق من 50 باحثا، ويقول "إنه مشروع مدى الحياة. فجأة دمر كل شيء".

ومثل هذين العالمين، شهد البروفيسور أورين شولدينر (من قسم الأحياء الجزيئية) سنوات من العمل الذي تدمر، ويقول "لم يبق لنا شيء لإنقاذه. كأن المختبر تبخر في الهواء. هناك حمض نووي نجمده، وقد اختفى كله. وهناك خلايا نستخدمها، وقد اختفت جميعها. سنوات من العمل ذهبت أدراج الرياح، وهذا أمر مفجع".

.....................

انتهى  /  323 

تعليقك

You are replying to: .
captcha